حروف الجر
هناك حروف عديدة في اللغة العربيّة، أشهرها وأهمها حروف الجر، وهي من الحروف العاملة التي تغيّر إعراب الجملة عند دخولها فيها، وهي حروف متخصّصة بالأسماء وتكون مبنيةً دائماً؛ أي إنّها دائماً ما تكون متحركة حركةً ثابتة لا تتغير كباقي الأحرف حسب تغير موقعها في الجملة، وقد ذكر ابن مالك حروف الجر في (ألفيّته)، وقال إنّها واحدٌ وعشرون حرفاً تجمع في بيتين من الشعر كلّها إلا الحرف (لولا): هاك حروف الجر وهي: من، إلى حتى، خلا، حاشا، عدا، في، عن، على مذ، منذ، رُب، اللام، كي، واو، وتا والكاف، والباء، ولعل، ومتى ولولا حرف نادر الاستخدام مع ذلك.
معاني حروف الجر
من: تفيد ابتداء الغاية وفي غير الزمان غالباً، وأحياناً تأتي للدلالة على الزمان، وتأتي لبيان الجنس، وأحياناً ما تكون زائدة، وتفيد التبعيض أحياناً أخرى، ومن الأمثلة عليه سِرْتُ من المدينة، أو منهم مَنْ أحسن ومنهم من أساء.
إلى: تفيد انتهاء الغاية الزمانيَّة أو المكانيَّة كأن تقول انتظرته من الساعة الخامسة إلى السابعة، وتكون أحيانا حرف جَرٍّ زائد للتوكيد، ويَأْتِي بِمَعْنَى الْمُصاحَبَةِ كأن تقول اجمَع أوراقك إلى كُتُبِكَ، وَيَأْتِي مُرَكَّباً مَعَ حرف الاستفهام ما كأن تقول: إِلامَ هَذا الأَمْرُ؛ حيث إلى حَرْفُ جَرٍّ وَما الاِسْتِفْهامِيَّة، وتكون بِمَعْنَى إِلَى مَتَى.
حتى: هو حَرْفُ جَرٍّ دال على اِنْتِهاءِ الغاية، ويدلّ بالضبط على انْتِهاءِ الغايَةِ الزَّمانِيَّةِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالَى في سورة القدر الآية الخامسة: ﴿سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ﴾.
خلا: حرفٌ يَجُرُّ الاسْمَ الْمُسْتَثْنَى بِهِ كأن تقول سَافر الأولاد خلا مصعبٌ، فهنا يكون مصعبٌ مجرور لفظاً منصوب محلاً للاستثناء، وإن سبقت بما المصدرية كأن تقول جاء المصلون ما خلا الخطيب فتكون فعلاً. فهي أداة استثناء وبمعنى عدا.
حاشا: حرفُ جَرٍّ وأداة استثناء تَجُرُّ ما بَعْدَها كأن تقول وَصَلَ المدعوون حاشا واحِد.
عدا: هي أداة استثناء وحرف جرٍ أو فعلٍ (إذا لم تسبق بما المصدرية)؛ فيجوز جر ما بعدها أو تنصب إن جاءت مفعول به عندما تسبق بما،
في: حرف جرٍ يفيد الظرفية المجازية أو الحقيقية، وقد يكون حرف جرٍ زائدٍ ليُفيد التوكيد أو يكون حرف زائدٌ تعويضاً عن آخر محذوف، كأن تقول الخير في ما اختاره الله زائدة بمعنى عوضًا عن أخرى محذوفة أي أن الخير ما رغب فيه الله.
عن: تفيد المجاوزة؛ كأن تقول رَحَلَ عَنْا بَعِيداً، وتأتي للتَّعْلِيلُ كأن تقول لَمْ يَتَوَقَّفْ عَنِ الكتابة إِلاَّ مُكْرَهاً، وتأتي لاِنْتِهَاءُ الغَايَةِ كأن تقول اِسْتَأْصَلَهُمْ عَنْ بُكرَتِ أبيهِم، وَتَأْتِي أحيانا بِمَعْنَى كلمة بَعْدَ للدلالة على ما سيحصل بالمستقبل: عَنْ قَرِيبٍ سَتَظْهَرُ الحَقيقة، وتأتي بمعنى الْمُلاَبَسَةُ ومثالها: تُوُفِّيَ عَنْ عُمرٍ يُنَاهِزُ التسعينَ، وتَأْتِي أيضاً بِمَعْنَى مِنْ ومثال عليها جملة: أَخَذْتُ عَنْهُ المعرفة، وتأتي بمعنى الوَاسِطَةُ أو الطريقة كأن تقول: سَافَرتُ عَنْ طَرِيقِ الْبَحرِ، وتأتي بمعنى الظَّرْفِيَّةُ لتدل على المكان مثلاً كما في هذه الجملة: جَلَسَ عَنْ يَسَارِهِ، وتَأْتِي مُرَكَّبَةً مَعَ (مَا الْحَرْفِيَّةِ الزَّائَدةِ) كما في الجملة: سَتَصِلُ عَمَّا قَرِيبٍ؛ أو عَمَّ تَبْحَثين
على: تفيد الاستعلاء فوق الشيء كأن تقول: حُمِلَت عَلَى الأَكْتَافِ، وتأتي للتَّعْلِيلُ كأن تقول جِئْتُكَ عَلَى أَنْ تُجيرَني، وتأتي بقصد الاسْتِدْرَاك كأن تقول: بَخِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ المَال، وتأتي بمقصد الْمُصَاحَبَة أي بِمَعْنَى مَعَ كما قي الآية الكريمة 177 من سورة البقرة ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ﴾ وتأتي ظَّرْفِيَّة كأن تقول: جَاءَ عَلَى غفلةٍ، أو تأتي بِمَعْنَى (بِـ) كأن تقول: اعْمَلْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وتأتي بمعنى فِي كأن تقول: عَلَى أَفْضلِ وجهٍ أو عَلَى أَحْسَنِ مَا يُرَامُ، وكَمَا تَأْتِي أيضاً فِي صِيَغٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا: الدَّرْسِ عَلَى الْخُصُوصِ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ، عَلَى الأَخَصِّ، عَلَى الرَّحْبِ وَالسَّعَةِ، عَلَى بِسَاطِ، عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَيْكَ أَنْ تُرَاعِي القَوَاعِدَ الْمَرْعِيَّةَ، عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ، هُوَ عَلَى حَقٍّ.
مذ: يدخُل على اسم الزّمان ليكون بما معناه ( من في ) إن كان الزّمن حاضرًا (مضارع)، ويأتي بمعنى (من إلى) إذا كان الزمان معدوداً كأن تقول: ما رأيته مُذْ يومِ المعركة، ما رأيتُه مُذْ عامنا هذا، ويأتي ظرفاً في محلّ نصب على أن تتلوه جملة فعليّة أو اسميّة وأن تكون الجملة التي بعده في مَوْضِع جرّ بالإضافة إليه كأن تقول: ما تركت خدمَة الله مذ نشأت.
منذ: هو حرف جرٍ مني على الضمة ويدخل على (اسم الزمان) فيأتي بمعنى (مِنْ في) على أن يكون الزمان مضارعاً، ويأتي بمعنى (من إلى) إذا كان الزمان معدوداً.
رُب: هو حرف جرٍّ يدخل على النكرات بحكم الزائد ولا يتعلّق بشيءٍ، ويأتي بمعنى التقليل كأن تقول رُبَّ مَنِيَّةٍ في أمنيةٍ، أو يأتي بمعنى التَّكثير كما في الحديث الشريف: (رُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ القِيامَةِ)،
اللام: هي عاملةٌ للجرّ وعاملة للجزم أيضاً، والعَامِلَةُ للجَرِّ تكون مكسورةٌ مع كلِّ ظاهر ومن الأمثلة عليها: لِزيدٍ ولِعمرو.
كي: هو حرف جرٍ يفيد الملكية ويدخل أيضاً على ما الاستفهامية، وعندها تحذف ألف ما تجوز إضافة الهاء، ويفيد التعليل إن وقعت بعده أنْ المصدريّة فيكون للجرّ كأن تقول: جئت كيْ أنْ أتعلم الكاف: تفيد المشابهة، كأن تقول كأنك توأمها الشقيق.
الباء: تفيد الاستعانة فيُجَرُّ الاسمُ بعدَها، كأن تقول استعنت بالمطرقة لكسر القفل.
لولا: إذا اتصلت بضمير تكون حرف جر، كأن تقول: لولاي أو لولاك أو لولاه؛ فهو حرف جر، ويكون حرف جر شبيه بالزائد، لأنّ له معنى، أي إنّه حرف امتناع لوجود.
شكراً لتواجدكم معنا